NevigatorBar

تصفيح الفتيات : حماية وكابوس


لم يدر بخلد جميلة 26 سنة أن ليلة زفافها ستحمل لها مفاجأة غير سارة، وأن بداية حياتها مع زوجها خالد رهينة عند عجوز بقريتها بجهة الساحل التونسي وبطلامس معقدة “لفك الربطة”.تقول محدثتي:”هذا ماجناه علي أهلي 


وما جنيت على أحد.سامحهم الله لقد تشبثوا بتقاليد وعادات بالية ورثوها عن أجدادهم وكادوا بجهلهم هذا أن يحطموا حياتي “.تضيف محدثتي :”لقد مثلت ليلة زفافي كابوسا حقيقيا لي ولزوجي الذي لم يستطع معاشرتي لأسباب كنت أجهلها، وحتى يداري الفضيحة وخوفا من  طعن فحولته،  نهرني وتحجج بأني”مسحورة” ويسكنني جني، وحين رويت القصة الكاملة لأمي تذكرت  أنها قامت بتصفيحي وأنا طفلة عند إحدى العجائز بقريتنا القديمة جهة الساحل التونسي، فقامت  بالاتصال بها ونظرا لكبر سنها، وعجزها عن الحركة  تحولت  عندها صحبة أمي وقامت بفك “ الربطة” بطلامس لم أفهمها وعادت الأمور إلى مجاريها بيني وبين زوجي.”
tunisi“تصفيح” أو “ربط” الفتاة ظاهرة قديمة توارثها التونسيون لاسيما في المناطق الداخلية ومدن الساحل وقد صارت فعلا هاجسا وكابوسا حقيقيا عند الفتيات ليلة الدخلة خاصة إذا نسي الأهل قيامهم بهذه العملية التي تتم في سرية تامة وغالبا لاتعلم بها سوى الأم أو الخالة أو الجدة وتكون حينها الفتاة في سن صغير جدا ولا تتذكر التفاصيل.ورغم أن عملية التصفيح هذه تختلف من منطقة إلى أخرى إلا  أنها تتفق في التفاصيل الدقيقة التي تتم على مرحلتين: المرحلة الأولى وتسمى بالغلق أو التصفيح وتتم قبل بلوغ الفتاة وبدء أول عادة شهرية لها, أما المرحلة الثانية فتسمى “إزالة التصفيح” وتتم قبل يوم الدخلة بساعات.


الحاجة فاطمة قابلة تقليدية بأحد محافظات الساحل التونسي ومختصة في فن”التصفيح” وتقريبا مرت  على يديها كل فتيات قريتها التي تعتبرهن في مقام بناتها.تقول لإيلاف:” عملية الربط لها فائدة كبيرة  للفتاة  خاصة أمام تطور الحياة وتغرب الفتاة بعيدا عن عيون أهلها للعمل أو للدراسة متعرضة للعديد من المخاطر خاصة الاعتداء على شرفها أو نتيجة تأثير المحيطين بها والتغرير بها لنهج سلوك غير مستقيم”.كما تبدي الحاجة فاطمة  تأسفها على بعض العائلات الذين نسوا مثل هذه الأعراف وشكّكوا في مصداقيتها ونجاعتها(على حد قولها).

الزبيبة والتمر لربط الفتاة
عملية ربط الفتاة كما روتها لنا الحاجة فاطمة تتم وفق شروط وقواعد لايمكن الحياد عنها وإلا سيبطل مفعول الربطة.  أول الشروط هو عمر الفتاة لا يجب أن يتجاوز سن البلوغ  كما أن القائمة بهذه العملية لابد وأن يحمل اسمها أبعادا إسلامية “كعائشة أو فاطمة أو زينب…” كما تتم هذه العملية في منزل خال من أي ذكر.أما عملية التصفيح فتتنوع حسب الجهات وحسب االشخص الذي يجري العملية وإحدى الطرق تتم بإمساك ركبة الفتاة وجرحها سبع مرات في ركبتها ثم تغمس ثمرات من الزبيب أو التمر في الدم الذي يخرج من الجرح وتقوم بإطعامها للفتاة قائلة في تلك اللحظة”بنتي حيط(أي حائط) وولد الناس خيط”في إشارة إلى صلابة الفتاة وقوتها مقابل عجز الفتى.أما الطريقة الثانية فتتم بإدخال الفتاة إلى “المسدة” من جهة وخروجها من جهة ثانية  مع ذكر وتكرار نفس العبارة وتتم كل العمليات السالف ذكرها عبر سبع أشواط من الخروج والدخول وأكل التمرات وتكون بذلك العملية قد تمت بنجاح وصارت الفتاة حسب اعتقادهم “مصفحة” وغير قابلة للمعاشرة الجنسية.
أما عملية إزالة التصفيح أو الفتح فتتم قبل ليلة زفاف البنت بساعات  ويجب أن تقوم بها المرأة نفسها التي قامت بغلقها أو سيدة أخرى تحمل نفس الاسم في حالة وفاة أو تعذر حضورها.وبنفس الطريقة ذاتها التي تمت بها عملية التصفيح تتم عملية الفتح مع فارق بسيط يتمثل في ترديد العبارة  بطريقة عكسية: “ولد الناس حيط وبنتي خيط” وبذلك يستطيع الزوج فض بكارة زوجته ليلة الدخلة.


هذه هي الطريقة المتبعة وهكذا تحمي بعض العائلات التونسية المحافظة  شرف بناتهن. لكن هل تكفي بعض التمرات والزبيب لحماية عذرية الفتاة
؟ وماهو رأي الطب وتفسير علم الاجتماع لهذه الظاهرة؟  خاصة أمام صحة بعض الروايات التي تتداولها  الأسر حول عجز أزاوج عن فض بكارة زوجاتهن ليلة الدخلة والسبب”كونها مصفحة”.

رأي الطب وعلم الاجتماع
يرى الدكتور المنذر القرمازي الأخصائي في طب النساء والتوليد أن جدوى عملية التصفيح ليس لها من الصحة العلمية إلا في أذهان أصحابها  وعلميا فإن غشاء البكارة لدى الفتاة يفتض بمجرد دخول أي جسم حاد  أما ما يقال عن عجز العريس عن معاشرة عروسه فذلك يعود أولا لأسباب نفسية  فالعملية الجنسية كلها تتم بأمر من الدماغ بالتالي إذا كان الرجل في حالة نفسية  متوترة وغير مستعد   فإن القضيب الذكري لن يستطيع الانتصاب جيدا وبالتالي فان عملية الإيلاج وفض البكارة  ستكون مستحيلة . من جهة ثانية هناك فتيات خلقن بغشاء سميك أو مطاطي   مما يصعب على الرجل فض بكارتهن بكل سهولة.
من جهته يرى الأستاذ نسيم بن عبد الله الباحث في علم الاجتماع أن عذرية الفتاة تشكل أهمية بالغة في المجتمع التونسي لا سيّما عند الأسر المحافظة ونظرا لهذه الأهمية تلجأ بعض العائلات للقيام بعادات توارثتها عن الأجداد بحجة حماية شرفهم بدرجة أولى ومن ثمة شرف بناتهم .وعموما فإن  مثل هذه العمليات تضفي  نوعا من الطمأنينة حتى ولو كانت وهمية لدى الأم والخالة والجدة كونها تحمي 
الفتاة من خطر  الإنزلاق بإرادتها أو بغير إرادتها في أي عملية جنسية مهما كان نوعها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وكالات/بيامنر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق